◘◘◘ الإسلام وتنظيم السلوك الإنساني ◘◘◘

◘◘◘ الإسلام وتنظيم السلوك الإنساني ◘◘◘
مصطلح "السلوك"
السلوك لغويا (مصدر من (سلك)، و سَلَكَ طريقا و سَلَكَ مكانا يَسْلُكُهُ
سَلْكًا و سُلُوكًا و سَلَكَه غيره وفيه و أَسْلَكَه إيّاه و فيه
وعليه:و المسلك هو الطريق.و السُّلْكَى:الطعنة المستقيمة تلقاء وجهه:ليس
بسُلْكَى أي ليس بمستقيم.)
فالأصل في السلوك، لغويا، الاستقامة.  

و التفسير العلمي أن السلوك البشري هو
(كل حركة أو نشاط أو تصرف أو عمل يقوم به الإنسان في حياته مدفوعا ببواعث و دوافع معينة فطرية كانت أم مكتسبة لإشباع حاجاته الطبيعية و النفسية و الاجتماعية ) .إذ كل عمل إرادي يسمى سلوكا.
السلوك: هو كل ما يصدر عن الإنسان من قول أو فعل، وما يتخذ من اعتقاد أو قصد.

  والسلوك الإنساني على اختلاف أنماطه وتباين أغراضه و أوصافه يعتبر سلسلة من العمليات المتتابعة المتتالية وبشكل يجعل من مجموعها صيغة فعلية واحدة، تؤدي غرضها بعد أن تتجسد حقيقة سلوكية مسرح الحياة.

   الفعل
أي فعل يقوم به الإنسان - يمر بمراحل متعددة تبدأ من داخل الذات الإنسانية وتنتهي إلى خارجها - ابتداء من ولادته فكرة في نفس الإنسان - وحتى تكتمل عناصر وجوده النفسي والفكري ليتخذ مرحلة الوجود الفعلي في الحياة الخارجية، فالفعل يتحدد تخطيطه ويكتمل تصوره وتصور الغاية المستهدفة له داخل الذات الإنسانية قبل أن يحتل موقعه في الحياة العملية، وقبل أن يتجسد حقيقة موضوعية محسوسة. ولأهمية الفعل والسلوك الإنساني المصيرية، ولتوقف خير البشرية وسعادتها على نوع الفعل والغاية المستهدفة له..

اعتنى الإسلام بتنظيم عناصر الفعل والسلوك، ووضع المقاييس والموازين القادرة على جعل الفعل محققا لخير البشرية وسعادتها.
سلوكيات المسلم هي الموسومة بميسم معين؛ هو ميسم الإيمان، وصبغة الإسلام، والالتزام بحدوده.
فإن كانت طبيعة الأفكار إيمانية، تقوم على أساس الإيمان بالله، فإنها ستنسحب بصبغتها الإيمانية على عناصر السلوكية للشخص، وتحدد كل مساراتها واتجاهاتها في أي مجال من مجالات الحياة..

وتتميز الشخصية الإسلامية بسمات سلوكية إنسانية تختلف كل الاختلاف عن سلوكية الشخصية غير الإسلامية..
لأنها تختلف عنها في الدوافع والمحفزات والغايات والأهداف..فينتج عن هذا الاختلاف، اختلاف في طبيعة السلوك، ونوعية المواقف والممارسات؛لذا فإننا نشاهد التباين واضحًا بين سلوك المسلم الملتزم، وغيره من الشخصيات الأخرى في موقفه من قضية معينة أو تقويمه لها.
ترتبط الآداب بالسلوك الإنساني الذي يختلف حسب الجماعات و الأمم ووفق المناسبات و الظروف، فهو يستوعب عادات الشعوب و طقوسها و تعبيرها عن هويتها..
لقد اعتنى الإسلام بتربية وتنظيم وإيضاح وتحديد الحياة الإنسانية على أسس تضمن للإنسان خيره وسعادته لأن الحياة عبارة عن سلسلة من المواقف الإنسانية التي تعبر عن ذات الإنسان وماهيته.

   فالإنسان في سلوكه ومواقفه يصنع ذاته ويجسد ماهيته ـ خيرا أو شرا ـ بصيغة فعل أنساني منظور، لان السلوك الإنساني تعبير عن محتوى الذات والطبيعة الباطنة للإنسان.
و يشمل الدّين ( قيم أخلاقية قادرة على توجيه سلوك الأفراد في مواقف الحياة المختلفة) ، بأن الدين ملازم للأخلاق داخل المجتمعات البشرية فلا يمكن الحديث عن الدين بدون الحديث عن الأخلاق.
إذن الدين اعتقاد يمسّ الجانب الانفعالي للإنسان لينعكس في سلوكه العام كأخلاق أو قيم أو نحو ذلك.

آداب السلوك.
و تعني كلمة أدب في لسان العرب المعاني التالية:
الأَدَبُ:الذي يتأدب به الأديب من الناس، سُمّي أدبا لأنه يأدب الناس إلى
المحامد و ينهاهم عن المقابح.و أصل الأَدْبِ:الدُّعاء.و منه قيل
للصنيع يدعى إليه الناس:مدعاة و مأدبة. و الأدب:أدب النفس و الدرس.
والأدب كذلك الظرف و حسن التناول.
و الأُدْبَةُ و المَأْدُبَة:كل طعام صنيع صنع لدعوة أو عرس..

عصر العولمة  والسلوك
للمشهد المجتمعي المعاصر العديد من الملامح التي تميزه عن غيره من المجتمعات الإنسانية على مدار التاريخ البشري الذي لم يكن يعرف شيئا اسمه عصر العولمة، ولعل من أبرز تلك الملامح غياب الطمأنينة عن النفس الإنسانية في هذا العصر أكثر من غيره من العصور، ومنها أيضا حالة التوتر في العلاقات على مستوى الأشخاص والأفراد، الأمر الذي انعكس بصورة مباشرة بعض الناس التنفيس- دونما إدراك- عن حالة التوتر الكامنة بداخلهم..

من التنفيس، يلجأ إليها بعض الناس للتنفيس عن حالة التوتر الكامنة داخل نفوسهم تتمثل في محاولة إقامة أو نسج علاقات غير شرعية مع الجنس الآخر بزعم الترويح عن النفس في زمن كثرت مشكلاته وتعددت أزماته، ومما يؤسف له أن هذه الظاهرة عرفت طريقها إلى مجتمعاتنا في الفترة الأخيرة، حيث أضحت بعض الأسر العربية والإسلامية تعاني في وقتنا الراهن من ظواهر جديدة أفرزت مشكلات مستحدثة ظهرت في حياتنا وتولدت في مجتمعاتنا نتيجة لتراكم التوترات والإغراءات المصاحبة للتطور الإتصالى والإعلامي في العصر الحديث.

وتأتي ظاهرة غياب العفة على رأس هذه الظواهر التي نمت وانتشرت في الفترة الأخيرة، إذ تشير إلى ارتفاع في معدلات الأشخاص الذين يحاولون إقامة صداقات مشبوهة أو علاقات غير شرعية مستترين خلف أوهام يحاولون بها تبرير سلوكهم الخاطئ، والأمر الذي لا لغط فيه ولا جدال هو أن هذا السلوك يعد تعبيرا صارخا عن غياب العفة عن تصرفات بعض الأفراد متأثرين في ذلك بما تطرحه بعض وسائل الإعلام التي تحترف الترويج لثقافة الجسد والمتعة الزائفة.
ولست أقصد قطعا هنا أن كل الناس أضحوا على هذا المنوال..

دلالات غياب العفة
أنها تظهر مدى رغبة بعض المسلمين في تقليد الأنماط السلوكية غير المنضبطة التي تنتشر في المجتمعات التي تحتويها الفوضوية وتغلب عليها السلوكيات اللاأخلاقية.. ويتم التقليد هنا مدفوعا بتوهم التفريج عن متاعب الحياة وصعوبتها أو التوهم بأن تلك هي المدنية، غير أن التحليل الأخير للقضية يؤكد أن الخضوع لسلطان الشهوة والإغراء والسير وراء الأهواء كانا من الدوافع الرئيسية الكامنة خلف سلوكيات من سلكوا هذا الطريق وساروا في هذا الدرب، ومن أسف أن هناك فضائيات عربية تغذي هذا الاتجاه وتحترف الترويج لسلوكيات الإغراء والإغواء من خلال برامجها التي تخاطب الغريزة وتعمل على تغييب العقل والروح والوجدان.

أنها تكشف عن اللامبالاة في سلوكيات بعض الأفراد، لأنها تأتي في صدارة العوامل التي تساهم في خلق الأزمات داخل بيوتنا وتتسبب في إشعال اللهيب داخل مجتمعاتنا.. وكثيرا ما عصفت ظاهرة غياب العفة بحياة أسرة كانت هادئة مطمئنة فدمرتها وأجهضت سبل استقرارها وعوامل تماسكها وارتباطها، ولست أذكر موقفا يصعب معالجته بين الزوجين من ظهور هذا السلوك المرفوض دينيا والمستهجن أخلاقيا واجتماعيا لدى شريكه الذي يقاسمه الارتباط الزوجي ويشاطره البناء الأسري.

ظاهرة عدم العفة
انتشار حفلات الرقص الماجن والمشترك بين النساء والرجال، ولا يغيب عن أكثرنا الحالة الفوضوية والعبثية التي تحتويها مثل تلك الحفلات لما يكثر فيها من شراب محرم وتصرفات ماجنة وألفاظ تخدش الحياء.
انتشر الفيديو كليب المتحرر من كل القيود الأخلاقية والضوابط المجتمعية والدينية، الأمر الذي ساهم بشكل فاعل في صياغة سلوكيات بعض الشباب وتشكيلها على نحو يتعارض مع قيم الأمة وخصائص الهوية العربية التي تتسم بالنبل والدماثة والرجولة وحميد الصفات.

غاب عن الكثيرين الالتزام بآداب الطريق التي حددها الإسلام وأكد عليها مثل: غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لذلك كثيرا ما نسمع في الطريق غريب الألفاظ ومستهجنها، ونلاحظ العديد من السلوكيات الشاذة وغير اللائقة بأمتنا وتاريخنا وثقافتنا.

أنواع العفة
عفة الجوارح والحواس: يتبين للمرء هنا أن الإسلام أوصى المسلمين بأن تكون حياتهم نظيفة خالية من الأمراض الاجتماعية التي تفسد الاجتماع البشري وتذهب باستقراره في الوقت الذي يريد الدين الحنيف لأبنائه أن يتمتعوا بهدوء الحياة وجمالها ونظافتها.. ومن أجل تحقيق هذا الأمر أوصى التنزيل الحكيم بما يلي:
أ- غض البصر وحفظ الفرج: ولقد ورد في القرآن الكريم ما يؤكد هذا المعنى مباشرة ويدعو إلى الالتزام به، فقد بينت سورة (النور) دستور غض البصر وحفظ الفرج وإخفاء الزينة- عن غير المحارم- التي تسبب الفتنة حال كشفها، وذلك في قول الله تعالى: ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون).
(وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم. وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم) (النور 30-33).

أن القرآن الكريم يضع التوجيهات والتعليمات للمجتمع الإسلامي كي تتحقق العفة لأفراده عبر سبل عدة هي:
1- أمر المؤمنين والمؤمنات بالغض عن أبصارهم وأن يحفظوا فروجهم.
2- مساعدة الآخرين على العفة بأن تتحرز المرأة المسلمة من كشف زينتها إلا لزوجها أو محارمها أو من لا يدرك عورات النساء، ولكل مرحلة ضوابطها الشرعية.
3- وإمعانا في التركيز على عفة المجتمع ينهى القرآن الكريم المرأة عن السير بطريقة تلفت النظر أو تشد الانتباه كأن تبدي زينتها عن طريق تقصير ثيابها أو الضرب برجلها أو جسدها.
4- يدعو القرآن الكريم إلى الزواج لكي تتحقق العفة {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}، وعلى الجميع أن يلتزموا العفة بما فيهم غير القادرين ماديا حتى يغنيهم الله من فضله ويتيسر لهم أمر الزواج.  
ولقد أكدت السنة المطهرة المعنى نفسه في وضوح شديد، حيث ورد عن جرير بن عبدالله البجلي (رضي الله عنه) قال: سألت النبي (صلى الله عليه وسلم) عن نظرة الفجأة فأمرني أن اصرف بصرك» أو أطرق بصرك، أي انظر إلى الأرض..  

عفة اللسان: ومن أهم أشكال العفة التي دعي الإسلام إليها وأمر بها عفة اللسان، فقد أكدت السنة المطهرة أنه لا يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.. وهناك عبادات تتطلب من المسلم ضرورة الحرص على عفة لسانه بأن يمنعه عن الكذب أو الغيبة أو النميمة أو النفاق، فلقد قال الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) .
والإسلام إذ يدعو إلى عفة اللسان فانه يحرص بذلك على سلامة المجتمع وهدوئه، إذ كثيرا ما تؤدي بضع كلمات يقولها بعض الناس- دونما وعي أو إدراك- إلى العديد من المشكلات والقضايا التي تستهلك وقت المسلمين وجهدهم ..
في حين أراد الشارع من الأمة التركيز على العبادة والإنتاج من أجل بناء حضارة قوية وصياغة أمة ناهضة تتوافر لها الشروط والمقومات التي تعينها على التدافع الحضاري خصوصا في زمننا هذا الذي أضحت القوة فيه هي المبرر الوحيد للبقاء.

عفة السمع: ليس من شك في أن السمع من الجوارح التي أمر الإسلام بضرورة الالتزام بعفتها وعدم استخدامها إلا فيما خلقت له من أدوار ووظائف خيرية تساهم في الارتقاء بالأمة وتجميل حياة المسلمين، لذلك كان السمع مسؤولية شأنه شأن البصر سواء بسواء بل انه جاء قبله في كثير من الآيات القرآنية، منها قول الله تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} (الإسراء:36)، فقد وجب على المسلم الالتزام بعفة حاسة السمع، فلا يسمع إلا خيرا ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ويجب عليه أيضا ألا يقحم سمعه فيما لا حاجة له بالاستماع إليه، وعليه في الوقت نفسه عدم تعطيل آلة السمع عن تأدية دورها المنوط بها في إدراك الحقائق ومعرفة الأمور «ولقد عاب القرآن الكريم على الكفار عدم استخدام ملكاتهم التي أمدهم الله بها، قال سبحانه {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون} (الأعراف: 179) .

عفة البطن: حاز مأكل الإنسان ومشربه أهمية كبرى في الإسلامية، إذ أولى كل من القرآن الكريم والسنة المطهرة هذا الأمر عناية خاصة، وكان أبرز ما أكد عليه ديننا الحنيف في هذا السياق هو أن يكون المأكل حلالا والمشرب حلالا، فالنار أولى بالجسم الذي ينبت من الحرام، وآكل الحرام لا يستجاب له دعاء مهما حاول التقرب إلى الله بالطاعات والعبادات إلا أن يتوب إلى الله ويقلع عن أفعاله تلك، بعد أن يرد المظالم إلى أهلها.. ولقد أمر الإسلام بتناول الحلال الطيب دون غيره من المأكولات والمشروبات، قال تعالى {يأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا...} (البقرة-168).

غياب العفة
لم تغب فضيلة من الفضائل عن مجتمع من المجتمعات إلا وحلت محلها الرذائل والآفات الاجتماعية الضارة والمؤلمة للمجتمع والأمة.. والحق أن غياب العفة عن البشر يؤدي إلى العديد من النتائج التي لا تجني الأمة من ورائها إلا حصادا مراً ومشكلات لا تنتهي يصعب التحكم فيها أو تجاوز نتائجها إلا بعد بذل الكثير من الجهد..
شيوع الفاحشة: وتلك مسألة وقف منها الإسلام الحنيف موقفا صريحا وقويا، ويعلم أقل الناس معرفة بأمر هذا الدين أنه يرفض الفواحش ما ظهر منها وما بطن، حيث أكد القرآن أن من خصائص المؤمنين وصفاتهم ترك كبائر الإثم والفواحش، قال تعالى: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش...} (الشورى-37)، ولم يقف الإسلام عند محاربة الفاحشة فحسب ، بل ذهب إلى إنكار موقف من يرضيهم أن تشيع الفاحشة في المجتمع الإسلامي، وبشر هذا الفريق من الناس بأن لهم عذابا أليما في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون} (النور: 19).

ارتفاع معدلات الطلاق: إن غياب العفة وانتشار الفاحشة يؤدي لا محالة إلى ارتفاع معدلات الطلاق بين الأزواج، ذلك لأنه يدخل في باب كفر العشير وخيانة الأسرة مما ينزع الثقة بين الطرفين ويقضي على روح المودة والرحمة التي يجب أن تكون موجودة ومتحققة بين الزوجين، ولا يتحقق هذا إلا بدوام الإخلاص واستمرارية المودة بينهما.
انتشار الأمراض الموجعة التي تستعصي على العلاج: تعاني مجتمعات إنسانية معاصرة من انتشار الأمراض التي نشأت وتوطنت لديها نتيجة لغياب العفة، والحمد لله أن نسبة انتشار تلك الأمراض في وطننا العربي وديارنا الإسلامية أقل بكثير من الشعوب الأخرى، ونعزو السبب في ذلك بالدرجة الأولى إلى انتشار العفة والالتزام الديني والانضباط الخلقي لدى المسلمين، حيث تتوجه تحركاتهم وتتشكل سلوكياتهم وفقا لتعاليم الدين وتوجيهات القرآن الكريم التي تدعو إلى القيم النبيلة والأخلاق الحميدة في كل آيات القرآن وسوره.

ارتفاع معدلات الجريمة: تؤكد الدراسات والإحصاءات الاجتماعية أن التحرش الجنسي الناتج عن غياب العفة- يعد أحد الأسباب الرئيسة لانتشار الجريمة في المجتمعات التي تنتشر فيها مثل تلك الظواهر الشاذة حيث تختفي العفة وتحل الرذيلة.. كما يتسبب غياب عفة اللسان وعفة البطن في العديد من المشكلات التي تؤدي بعد تطورها إلى إثارة الكثير من المشكلات التي تنتهي بارتكاب جرائم ليس من مصلحة المجتمع ولا الأفراد الوقوع فيها.
خلق حالة من التوتر المجتمعي: أن غياب العفة عن المجتمع يؤدي إلى إيجاد حالة من التوتر المجتمعي يكون من شأنها تقليل مساحة الهدوء العصبي والاطمئنان النفسي لدى أفراد الأمة، فيصبح الناس في شغل على أنفسهم وعلى بيوتهم وأعراضهم وأموالهم تلك الأمور التي قرر العلماء أن من مقاصد الشريعة المحافظة عليها.  

أهمية الفهم ومدى تأثيره على مواقف الإنسان وسلوكه.
فعندما يفهم المرء أمرًا ما فهمًا محدودًا، فإن حُكمه عليه، ومواقفه نحوه ستنطلق من هذا الفهم ..
فحكمنا على الأشياء ينبع من تصورنا عنها وفهمنا لها، والذي قد يكون فهمًا صحيحًا أو خاطئًا.. شاملًا أو ناقصًا.

معنى ذلك أنه عندما نطالب أنفسنا أو الآخرين بفعل شيء ما، فالخطوة الأولى التي يجب أن نخطوها في ذلك هي تصحيح الأفكار المرتبطة بهذا الفعل، فعندما تطلب من ابنك أن يُعامل الفقراء والمساكين معاملة حسنة، وأن يتودد إليهم، ويتواضع معهم، فلابد أولا من تصحيح الأفكار المرتبطة بهذا الفعل وإقناعه بها،كأن تفهمه أن جميع البشر سواسية أمام الله عز وجل، فلا فضل لغني على فقير، ولا لفقير على غني إلا بالتقوى، وأننا في دار امتحان لا دار نعيم وجزاء.
أو عندما تجد من حولك يهتم بظواهر العبادات دون جوهرها، كأن يُكثر من قراءة القرآن بلا فهم ولا تدبر، فعليك أولًا قبل أن تطالبه بالتركيز والتدبر أن تُبين له أهمية الإحسان في العمل ظاهرًا وباطنًا، وأنه مُقدَّم على الإكثار الشكلي منه فقط، وأن علو الدرجات عند الله مرتبط بهذا الإحسان.

وكذلك، فعندما نطلب من الآخرين تحكيم الإسلام في جميع شؤون الحياة، لابد أولًا أن نبين لهم مفهوم شمول الإسلام وأنه ينتظم جميع جوانب حياة الفرد والأمة، ونبين لهم أيضا أصول هذا الإسلام الشامل وأركانه الأساسية التي تشمل جوانب الحياة كافة، حتى إذا ما تم البيان واتضحت المفاهيم، كان السبيل إلى التطبيق المنشود سهلا قريبا.

والمسلم محتاج دومًا إلى تذكير بالثوابت والمفاهيم الصحيحة حتى يكون سلوكه منسجمًا معها، أو على الأقل، ليكون مُدرِكًا صوابَها من خطئها، ومِن ثَمَّ يستطيع تقويم أعماله بناء على هذه المعرفة.
أما عندما يطول الزمن بلا تذكير، ومع تشابك الأحداث وازدياد المؤثرات السلبية، فإن المفاهيم الصحيحة قد تختلط بغيرها، وتختلف مقاييس السلوكيات، ومن ثَمَّ تضطرب الحركة.

أن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالحفاظ على نظام الأسرة؛ لأن الأمة الإسلامية أمة مستهدفة خاصة أن المستكبرين والمستعلين في الأرض هم مفسدون يريدون تغيير وتبديل شريعة الله وتحريف دينه وقيمه الثابتة عبر التاريخ، بهدم الحياة الإنسانية وهدم الأسرة وقطع الصلة بين الآباء والأبناء والأمهات.
إن هؤلاء المفسدين والمستكبرين في الأرض مازالوا يمارسون ضغوطهم من أجل تغيير الطبيعة الإنسانية وإباحة الشذوذ واللواط والسحاق والزنا ..

أن الجديد في هذه المسألة ليس في انتشار اللواط والشذوذ وغيرهما، ولكن في تبنى حضارات لهذه القيم الفاسدة وفرضها على الناس ..
بأساليب ملتوية وبألفاظ مزخرفة ومطاطة لخداع الناس.
إن الإسلام سيبقى دائماً له منظومته التي لا يمكن أن تهتز وله أيضا مرجعيته الثابتة؛ لأن سقوط هذه الأمة يعنى سقوط الراية الإنسانية كلها وغرق السفينة البشرية، بل سيحاسب الله تعالى هذه الأمة على مافرطت في واجبها نحو ربها ودينها وأولادها وأسرها، فقد وصف الله دعوة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}(الأنبياء: 107)، وجعلهم الله تعالى شهداء على الناس للحفاظ على موازين الحق ومقوماته.  

أن التربية ليست أمراً سهلاً لأنها تتعلق بتكوين أفضل مخلوق خلقه الله تعالى وكرمه، ولهذا يواجه الآباء الكثير من المصاعب في التعامل مع الأبناء.
لكي يتحقق ذلك للأمة الإسلامية لابد أن ينطلق كل مسلم من بيته ومن تربيته لأبنائه، وأن يتقرب كل أب من زوجته وأولاده بالحب والرحمة لأن الأسرة أول حصن يتحصن به الإنسان، كذلك لابد أن يعلمهم شرائع دينهم وعقيدتهم للحفاظ على هويتهم.  
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ).والقدوة تفعل فعل السحر في التربية بدون كلمات؛ لأن الكلمات دائماً لها مقاومة..

اللهم إني أسأل موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.
اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوّن علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، وأجعله الوارث منا، وأجعل ثأرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.
اللهم أغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير..  
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها.
اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي آخرتى التي فيها معادي، وأجعل الحياة زيادة لي في كل خير، وأجعل الموت راحة لي من كل شر...  
اللهم أني أسألك خير ما سالك به عبدك ونبيك سيدنا محمد(صل الله عليه وسلم) وأعوذ بك من شر وسوء ما استعاذ بي عبدك ونبيك سيدنا محمد(صل الله عليه وسلم )
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم ..