◘◘◘ الإسلام والشخصية الاستقلالية ◘◘◘
♦♦♦ يرغب الآباء والأمهات بإشعار أطفالهم باستمرار بحبهم لهم، وأنهم لا يستطيعون الابتعاد عنهم، إلا أن طريقة الإعلان عن الحب تحتاج لنوع من الفهم..
♦♦♦ وأن الفكر هو المقياس الذي يميز فيه الإنسان البدائل، ويختار ما يراه أحسن لسعادته، وحفظ لمستقبله ومستقبل أسرته.
♦♦♦ والاستقلال هو القدرة على اتخاذ القرارات الشخصية دون الحاجة لدعم أو مساعدة من الآخرين - غير النصيحة - ثم يكون لك القدرة على اختيار الأنسب.
♦♦♦ إن شعور الإنسان بالاستقلال وإبراز الاعتماد المتبادل يساعده على إنماء الطاقة الشخصية الكامنة التي تجدد قوته في أبعاد ذاته الإنسانية، سواء في جانب العقل، أو الجسم، أو الروح، والعاطفة.
♦♦♦ أنِ الإنسان بحاجة إلى بناء ثقته بنفسه عن طريق بوابة المعرفة والاطلاع وكثرة التصفح والمتابعة.
♦♦♦ إن المشاعر والأحاسيس هي وقود الإنسان، وهي مطلب أساسي لحياة إيجابية، ولكن لا يعني ذلك أن نرى الحياة بعيون غير عيوننا.
♣♣♣ يهدف الإسلام الحنيف إلى إيجاد الإنسان الكامل من جميع الأبعاد، وفي كل الاتِّجاهات..♣♣♣
والنَّاظر إلى الدعوة الإسلامية يشعُر بحرص الإسلام البالغ على تكوين الشخصيَّة، وتنمية الذَّات المستقلَّة..
♦♦♦ هي بذلك تُدْرِك من البداية أنَّه لا فائدة من الإنسان المتحلِّل، الذي يكون تبعًا لغيره، وذيلاً لسواه؛ ولهذا كان أوَّل توجيه صدَر عن الوحْي إلى الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم:- {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 – 5].
والقراءة هي مِفتاح الثقافة، والثَّقافة هي ثَمرة العلم، وبالعلم والمعرفة والثَّقافة تكوَّن الشخصيَّة الإنسانيَّة وتتحدَّد صفاتها، وتعمَّق أهدافُها.
♦♦♦ وعندما يُعْطِي الإسلام الإنسانَ المفتاح إلى المعرفة وهو القراءة، يدفعُه بقوَّة نحو العلم، ويوقِظ حواسَّه إلى النَّظر، وينبِّه ضميره إلى اليقظة، ويحرِّك فكره إلى التأمُّل والتدبُّر.
ثم ينتقِل به من مرحلة القراءة ومرحلة العِلم ومرحلة التدبُّر والتَّأمُّل إلى مرحلة التجرد؛
ومن العلم الأصيل، ومن النَّظر البصير، ومن التجرُّد الصادق - تتكوَّن الشخصيَّة المستعدَّة للوصول إلى الحقيقة، وللسير نحو الهدف؛ لأنَّ العلم هو القائد المرشد، والتجرُّد هو الضمان للوصول..
♦♦♦ لكنَّنا نَحني الرؤوس احترامًا وإجلالاً لِهذه الدَّعوة؛ لأنَّها لم تقِفْ بالإنسان عند هذا الحدِّ، ولم تكتفِ بِهذه المبادئ؛ بل إنَّها لتذكِّره بالاستقلال الذَّاتي في كل اتِّجاه، وتهزُّه في عنف وقوَّة؛ ليكون شخصًا قائمًا بنفسِه، لا يصدر تفكيرُه إلا من رأسِه، ولا يأتي فعله إلاَّ من عقلِه، فلا يكون تبعًا لعظيم أو لكبير، أو لحقير أو لصغير، ولا يكون إمَّعة لمجتمعٍ أو لِبِيئة، ولا لجماعة أو لحالة، وإنَّما يكون جبهة مستقلَّة، وفي ذلك يقولُ رسولُ الإسْلام العظيم محمَّد - عليْه الصَّلاة والسَّلام:- (لا يكُنْ أحدُكُم إمَّعة، يقول: إن أحسن الناس أحسنتُ، وإن أساءوا أسأت، ولكن وطِّنُوا أنفُسَكم، إن أحسن النَّاس أن تُحسنوا، وإن أساءوا أن تُحسنوا) ؛ رواه البخاري.
ثم يمضي الإسلام في صنع الشخصية الاستقلاليَّة للإنسان، فينقلها من الإيجاب إلى الدفع والمقاومة، فيقرُّ مبدأً جديدًا لِحماية الاستِقْلال الذَّاتي للإنسان، حيثُ يقول الرَّسول - عليْه الصَّلاة والسَّلام – (لا طاعةَ لِمن لم يُطِعِ الله) ؛ رواه أحمد.
♦♦♦ ويصِل الإسلام إلى قمَّة الاستِقْلال الذاتي للإنسان، حينما يصِل إلى ساعة الاحتِكام على دعوته بالذَّات، فلا يُمليها على الإنسان ولا يفْرِضُها، وإنَّما يعطي الضَّمان لحريَّة الإنسان، فيقرِّر الإسلام بصراحة كاملة: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]، {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6].
♦♦♦ وصل الإسلام في حماية الشخصيَّة الإنسانيَّة إلى مستوى رفيع، لا يُدانيه تشريع، ولا يُماثله قانون، وإنه ليحرم العدوان بالفِكْر على الغير، فيحرِّم اقتِحام منزلِه وجميع اختِصاصاتِه المستورة، كما يحرِّم التَّشهير به؛ ولِهذا يحرِّم الإسلام الظنَّ السيئ، ويحرم التجسُّس، ويحرِّم الغِيبة؛ وفي ذلك يقول القُرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12].
ويقول رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم:- (إيَّاكم والظنَّ؛ فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديث، ولا تجسَّسوا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا) ؛ رواه البخاري.
وبذلك حمى الإسلام السيرة الشخصيَّة للإنسان؛ فهو لا يعاقِب على الجرائم المستورة التِي لم يُبْدِ صاحبُها صفْحَتَه للمجتمع، وقد ورد في هذا الشَّأْن قولُه - عليْه الصَّلاة والسَّلام: - (أيُّها النَّاس، مَن أصاب من هذه القاذورات شيئًا، فلْيستتِرْ بستر الله، ومَن أبدى صفحتَه، أقَمْنا عليه الحد) ؛ الموطَّأ.
♦♦♦ لقد أقرَّ الإسلام من مئات السنين - والعالم يغمُره الظَّلام والعُدْوان والجوْر والاستِبْداد - ما تدَّعيه الحضارة المُعاصرة وتُفاخِر به، ممَّا يسمُّونه (بـالحقوق الشخصيَّة) للإنسان، وذلك امتداد لاستِقْلال الشخصيَّة والحفاظ عليها.
وهذه المبادئ الواضحة والأصيلة يضع الإسلام الضَّماناتِ الصحيحةَ والصادقة لاستِقْلال الذَّات الإنسانيَّة، وحماية اختِصاصاتِها؛ محقِّقًا الغاية التي يهدف إليْها من تكريم الإنسان وإعزازه.
وصدق الله العظيم: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].
وكما كرَّم الإسلامُ الإنسانَ وحمى شخصيَّته واستقلالَها، فقد منح العقْل قدْرَهُ، وأعطاه منزلته.
♣♣♣ كيف تعلمين ابنك الاستقلالية..؟ ♣♣♣
◘◘◘ معظم مشكلات الآباء والأبناء هي تدخل الآباء الشديد في حياة أبنائهم حتى لو كان عن سلامة نية وعن خوف وقلق عليهم ورغبة في مصلحتهم وقد تكون بسبب الغيرة وحب التملك أحيانًا أخرى.
من المهم أن تتذكري وزوجك دومًا أننا لا نملك أبناءنا أبدًا، وأن علينا من البداية أن نتعلم أنهم شخصيات تختلف عنها لها طموحاتها وأفكارها التي قد تتفق معنا حينًا وقد تختلف أحيانًا وأن لهم زمان غير زماننا فليس علينا أن نقرر عنهم أبدًا وهو ما يساعدك على اتباع تلك الطريقة التربوية منذ الصغر.
◘◘◘ كما تشكو كثيرٌ من الأمهات خاصة عندما يصل أبناؤهم لعمر المراهقة وربما الشباب من عدم تحملهم المسؤولية وعدم قدرتهم على اتخاذ القرار واتكاليتهم المستمرة على آبائهم وأمهاتهم.
والسبب الأساسي في ذلك عدم تركيز الأبوين على غرس مبدأ الاستقلالية في نفس الصغير منذ البداية، فينشأ ضعيفًا متكلًا عليهما.
والحقيقة أن الطفل يرغب منذ البداية في القيام بأشياء معينة من أجل أنفسهم.
إن تعليم الأبناء الاستقلالية والمسؤولية تلزم اقتناعك أنت أولًا بالفكرة واستمرارك عليها وتذكروا أننا لا نملك أبناءنا*، وهو مبدأ يتعلمه ويكتسبه مرارًا وكثيرًا وتكرارًا عبر بيئة تعليمية تسمح بالاعتماد على الذات.
◘◘◘ غالبا ما يخشى الآباء والأمهات من فكرة منح ابنهم المراهق نوعا من الاستقلالية ولو حتى في اتخاذ القرارات خشية منهم على استخدامه لها بشكل سيئ أو لأنه من وجهة نظرهم لازال غير مؤهلا لها، والسؤال.. متى يجب على الأبوين منح قدرا من الاستقلالية لأبنهم أو ابنتهم المراهقين..؟
وكيف يعوّدون أبنائهم في هذه المرحلة الخطرة على استخدام هذه الاستقلالية الممنوحة لهم الاستغلال الصحيح..؟
♣♣♣ نصائح مفيدة ♣♣♣
♠♠♠ يجب على الأباء أن يعودوا أبنائهم على الاستقلالية منذ الطفولة، وليس عندما يصل إلى مرحلة المراهقة حتى لا يفاجئ في مراهقته مثلا بمسؤولية اتخاذ القرار بعيدا عن والديه مع العلم أنه في كل الأحوال سيسعى المراهق حتما إلى الحصول على استقلاليته لأن هذه هي طبيعة هذه المرحلة العمريه، فهو يريد أن يكون عالمه الخاص، ويسعى إلى حرية أكبر في الرأي والتصرفات، وغالبا ما يصاحب ذلك تمرد ملحوظ على القواعد الموضوعة له وعلى الأهل أيضا.
♠♠♠علي الأسرة أن تبدأ في منح أبنائهم بعضًا من الاستقلالية بشكل تدريجي حتى لا يصطدم بالواقع مرة واحدة، فيقف عاجزا عن التصرف أثناء تعرضه لمواقف مختلفة تتطلب اتخاذ قرار.
♠♠♠ محاولة أن تنمي بداخله ثقة كبيرة في نفسه وفى قدراته ليستطيع أن يواجه بها المجتمع، ويحقق بها النجاح الذي يتمناه في الدراسة وحتى في حياته الاجتماعية خارج نطاق أسرته الصغيرة.
♠♠♠ يجب أن يكون البدء بتعليمه شيئاً سهلاً يمكنه القيام به من دون أي مساعدة.
عليك أن تراقبي قدراته وان تطلبي منه القيام بما يمكنه القيام به، عند إنجاز العمل، امدحي الولد لما قام به ثم انتقلي إلى مهمة أصعب بقليل.
لا تطمعي بالكثير، دعيه يكتسب ثقته بنفسه ويشعر بأنه بارع بما يقوم به، وبعدها انتقلي إلى مستوى أكثر صعوبة.
♠♠♠ تبدأ بالأشياء البسيطة مثل اختيار ملابسه، الكتب والروايات التي يقرأها، الأصدقاء المقربين له، ولا مانع من رقابة غير مباشرة تراقب من خلالها تصرفاته لتطمئن على حسن اختياراته.
القاعدة هي: إذا لم يتمكن الولد من القيام بالمهمة التي طلبت منه إتمامها، يجب العودة إلى المهمة السابقة التي تمكن من إتمامها مع قليل من التحدي. إنها فترة تجارب وأخطاء، ولكن عليكم أن تصلي في النهاية إلى شيء قام به بنفسه.
♠♠♠ يشعر الطفل بالسعادة البالغة، إذا أخبرته أنك قد تعلمت شيئا منه هنا يشعر أنك تمجده، ويحاول أن يقوم بالتصرفات التي ترضيك دوما.
♠♠♠ محاولة بث روح الاستقلالية في نفوس أطفالكم، بتعلمهم اختيار ما يلبسونه لأن ذلك يساعد الأطفال في اكتساب العديد من الخبرات المهارية.
♠♠♠ عندما يطلب منك الطفل التحدث معه، لا تكلمه وأنت مشغول عنه فحاول دوما أن تصغي إليه، وتفهم ما يريده ولا مانع من مشاركتك له ألعابه لأن ذلك سيفيده حتما في تحقيق نوع من التوافق الذاتي.
♠♠♠ محاولة أن تكتب لهم كلمة حب وتتركها للطفل فيفاجأ بها فإن ذلك سينمى لديه الإيجابية ويجعله قادرا على التفاعل مع المحيطين حوله
♠♠♠احرص على خلق العلاقة الحميمة بينك وبين طفلك بأن تحاول حضنه والقرب منه باستمرار لأن ذلك سيخلق نوعا من الحميمة بينك وبين طفلك.
♠♠♠ لا تلم طفلك باستمرار على أفعال خاطئة قام بها، بل احرص على القرب منه، ووده وجعله يشعر بالامتنان لك مع تقديم النصيحة له ليس بطريقة التوبيخ بل بطريقة الحب، كل ذلك سيجعل طفلك يشعر بالحب والامتنان تجاهك.
♠♠♠ أخذي مشاكله على محمل الجد، وعدم الإستهذاء بها أبدا فما تعتقدين أنه تافه يمثل شيئا كبيرا بالنسبة له.
♠♠♠عدم جرح مشاعره أمام الآخرين خاصة إذا ما أرادت توبيخه على شيئا ما، وتأجيّل هذا إلى حين تصبحان بمفردكما حتى لا تهتز صورته أمام من يحبهم وينتظر منهم أن يعاملوا على أنه شاب كبير، أو فتاة ناضجة.
♠♠♠ عدم شعوره أن اختياراته محل اختبار، وأنكم تنتظرون نتيجة هذه الاختيارات خاصة إذا ما كنت معترضة على قراره هذا، اتركوه يتعلم من أخطائه بما لا يضره ضررا كبيرا، واختاروا الوقت المناسب للتدخل للنصحيه، أو لتصويب له خطأه دون أن يشعر أنكم تُشككون في قدراته على حل المشكلة أو اتخاذ القرار.
♠♠♠ السماح له أن يعمل في عطلة الصيف أو في عطلة منتصف العام ولو شهر واحد عملا يحبه ويتناسب مع عمره ومهاراته أو هواياته فهذا سينمى فيه المسؤولية، وسيسعد كثيرا بما حصل عليه من نقود مقابل هذا العمل، وسيشعره ذلك بالاستقلالية..
♠♠♠ يجب على الأباء تعليم الأبناء كيف يتم اتخاذ القرارات
بالمقارنة بين المزايا والعيوب والمعايير المتبعة في ذلك..
, كل ذلك لا ينفي أن تكون بينكما صداقة وأن يحكي لك عن مشكلاته وأن يأخذ رأيك لكن من المهم أن يدرك كيف يتصرف لو كنت بعيدة عنه أو غير موجودة في حياته بعد عمر طويل..
♠♠♠ في النهاية، كل ما تتطلبه الاستقلالية حتى تمنح للمراهق، التربية السليمة له منذ الصغر، وتنمية حب المسؤولية والصدق والأمانة به، وتنشأتة على الحرية المسؤولة التي لا تضر به ولا تسيء لمن حوله.