أنتي يا سيدتي ..!!
قبل أن يبدأ كل شيء في العد التنازلي .. وقبل أن يبدأ كل شيء في الانْكسار .. وقبل أن أبدأ أنا في التراجع عن مصادرة القرار .. والتدحرج إلى أحضانكِ .. لا أطلبْ منكِ سوى أمراً واحداً وشيئاً واحداً ..هو أن تكوني حاضرة فقط.. أيتها الأنسانة الصادقة ..
فأنتِ لستِ كأي أمرأةٍ .. لستِ كأي أُنثى ..
أنتِ يا سيدتي لستِ كأي أمرأةٍ أكتبُها .. من خيال .
أنتِ يا سيدتي لستِ كأي أمرأةٍ أكتبُها ..من فراغ
أنتِ يا سيدتي جموعٌ من النساء.. ومدنٌ من الأنوثة والنقاء..
يا أمرأةً أحتلتْ كل حروفي .. وأوراقي ومحابري .. وأنتشلتني من ظنوني وضياعي.. ..بعدما أحتوتني الأوجاع وسكنتْ ملامحي جيوش القلق والخوفْ.. وجحافل الغدر التي مزقتني إلى أشلاء..
يا سيدتي كم كان قلبي يعتريه التعب... وكم تعثرتْ خطاه كثيرا في دروب المعاناة.. حتى كدتُ أفقدُ كل شيء يربطني بهذه الحياة ..لولاكِ
فأنتِ يا سيدتي .نعم أنتِ. من رتبتْ حقائب فكري .. ونظمت دقات قلبي .. وصممت خرائط حبي .. وأعادت تكويني وتنظيمي ..ولملمت جزيئاتي المتناثرة ..
أنتِ يا سيدتي .
الأميرة
والسلطانة
والربانة
والإنسانة التي تدير شؤوني ..وتجعلني أنظر إلى الأشياء برتابة .. وإمعان .
فيا سيدتي ..
لا أطلب منكِ سوى تهيئة .. المكان الذي سأربت فيه عمراً طويلاً .. فهل ستكوني على أستعداد لأنحداري هذا.. وهل حقاً ستتمكني من أحتضاني .. ؟ قولي أن كنتِ حقاً تقوين ؟
أن كنتِ تستطيعي .. فهيا دعيني .. أبدأ بأول خطواتي .. هيا أتركي كل شيء حولكِ .. وأبتعدي عن كل شيء يشغلك ..
أتركي ورقة كنتِ تقرئين فيها أساطير الأولين .. ومؤلفات في الحب كتبها الأخرين ..أعيدي ترتيب منضدتكِ .. وفرشاتكِ.. أستبدلي عطركِ .. ومشط الشعر ودبابيس كنت تغرزينها في شالك منذ سنين .. وأدوات الزينة والتجميل ..
يا أميرتي..
أتركي كتب أختلاف الحضارات .والمذاهب. لاتبحثي في نظريات .. وفلسفات سقراط ..ولا ديوجن .. ولا ابقور .. ولا طاغور وحتى أرسطو في بناءه للقياس ..ولا عن مذهبه في ( السين) و (البا) فأنت أنسانة كاملة بكل المقاييس .. و في تاريخ العشاق.. لا تبحثي عن ديوان جميل بثينة ..ولا سحيم.. ولاحتى عروة بن الورد أتركيهم جميعاً ..وأتركي التأمل..
يا سيدتي في فن الأستشراق ورسم اللوحات الليثوفرافية.. ومعزوفات بتهوفن وموزارت .. وبعض الأغاني الشرقيّة .. فحبي لك لم يسطرها أي تاريخ بعد وسيبقى خالداً ولن تستطيع أختزاله كل الموسوعات التي عرفتيها قبل.. ولا التي ستعرفيها بعد.
أتركي كل شيء ..
وتهيئي فأن اللحظة التي سأكون فيها معكِ أقوى من أنكِ ستكوني قادرة على فهم طقوسي وقراءة .. الميتافيزيقا التي تجلنني أصوات حروفها .. من أجلكِ!!
أنتِ يا سيدتي .. رغم عنفوانك .. ورغم قوتكِ ورغم قسوتك ورغم جبروتك ورغم أنك أنثى .. كل شيء فيها يدعو إلى السكنى في محرابها .. والألتزام .. بما تحتويه أعرافها ..
لن تقوين على ثورتي التي .. سخرتها فقط من أجل خدمة قلبك .. بكل ما أملك من وسائل وما تحمل عواطفي من طاقات ..
سيدتي ..
رغم أنكِ أنثى تختلف في مسمياتها وفي تصرفاتها وفي مطالباتها إلا أنكِ .. هي ذات الأنثى التي كنت أبحثُ عنها منذ ذاتِ زمن ومنذ ذات عهدٍ وحينما وجدتكِ اليوم لم أفكر في أتخاذك آلة تنسج لي خيوط الحظ .. ولا مفاتيح السعادة ..لأدخل أبواب التاريخ في حبٍ لم يسبقني به أحداً من قبل ولم أتخذكِ أيضاً قبلية لتصوني أعراف قبيلتي .. ولا سلطانة لتحكمي دولة عواطفي ..
إن ما أطلبه منك وألح عليه .. هو أن تمنحيني .. شيء من ذاتك التي توارينها .. أن تمنحيني .. شيء من قدراتك التي تخفينها .. أن تمنحيني فرصة العيش والبقاء بين يديك .. أتصرف بمحتوياتك كيفما أشاء وتتصرفي بقلبي متى ما شئتِ ..
أنتِ يا سيدتي لستِ كأي أمرأة ..
أنتِ ثروتي القوميّة ..التي ختمت على قلبي منذ أن دخلتِ فيه بالشمع الأحمر .. ليكن كل شيء فيه تحتَ تصرفكِ .. فيا سيدتي .. ملعونٌ قلمي .. إن كتب لغيرك يوماً وملعونة أوراقي أن أحتضنتْ اسماً غير أسمكِ يوماً .. يا سيدتي ..
وكل حضاراتي .. وتواريخي .. هل تقبلي بقراري هذا الذي أتخذته من أجلكِ ..
أعلم بأنكِ ستقولي أنك تبالغ في طلب المستحيل .. وأعلم أنكِ ستقولي .. قف مكانك فلا حاجة ولا طاقة لدي .. لفعل أي شيء معك أو حتى من أجلك فحولك غيري كثير .. وحولك غيري ممن يستطعن أن يحتملن جنونك وعبثيتك ..
لا يهم .. بل لابأس يا سيدتي ..
وما الذي ستخسري أن منحتني هذه الصدقة التي لا أحتاجها بقدر ما أحتاج إليك .. وأنني يا سيدتي .. أعدكِ بأن أحطم المألوف والمعقول .. وسأمطركِ حباً من جميع الجهات .. حتى تشهد أنوثتك بصدق حبي وأنكِ الوحيدة المتربعة على عرش قلبي .. الذي لم يكتب بهذا الصدق يوماً لامرأة قبلكِ .
أخاف عليكِ من روحي ..
أخاف أجرحكِ بجروحي ..
من زود ما أحبكِ أنا ..
سميتكِ بأسمي ووهبتكِ حروفي..
أغار والله عليكِ ..
حتى من لمسة يديك ..
أحسك ملاك ليست بشر ..
ما شفت لمثلك وصف ..
حبيبتي أنتى قمر ..
حسنها ما شافه بشر ..
بشفاتها الدنيا تضيع ..
وبعينها الدنيا ربيع ..
حبيبتي والله يا ناس ..
لمسها وإحساسها ماس ..
نورها فاق الدرر ..
حيرت ناسٍ وناس ...
يا سيدتي…
أنكِ لا تدركي كم أنا متيم فيك ومغرم في الوصول إلى ذاتك .. ولا تدركين أيضا كم أنا محتاجا إلى أحتوائك .. وتحمل ثورتك التي تخفينها خلف دعواتك بألتزامي بمزيدٍ من العقل ومزيدٍ من الهدؤ ..
يا سيدتي لاتقولي أنني معك أمارس أساليب الخدر ... أنني أبحثُ فيكِ ومعكِ عن حبٍ مستحيل وقلبٌ مستحيل وعقلٌ لا يتوقف عن التفكير في كل شيء مستحيل ..
كل أشياؤك التي تملينها على في هذا المساء وفي هذا اليوم .. لن تجعلني أتوقف عن محاولاتي .. ولن تسكن نفسي حتى أسكن في باطن حضنكِ وقلبكِ .. فقولي هل ستمنحيني .. ما سعيتُ من أجله مكرهاً أم ستلفظيني .. حتى أتدحرج إلى قعر هاويةٍ لا ترحم .. إنني أنتظر .. قبل الرحيل كلمتك الأخيرة .. فلك الآن أن تقرري .. بقائي .. أم سفري الذي لا عودة منه ..
قد يخطئ المحبْ في حق حبيبه ..ولا عجب أن التمس العذر منه .. وهاأنا أقدم أعتذاري طالباً الصفح ..
يا سيدتي...
أتركي قلمي يروي لهم أعتذاري هذا ..
فقط أتركيه ينزفُ صدقاً هنا ..
يا سيدة الروض البهي
أنا نعم أنا...!!
من بين أصواتِ القيثارةِ التي تعزفُ لحنَ الغياب أعود أنا إليكِ منكسراً .. من بين الركام الذي يحاصرني أحمل أنقاذي إليكِ .. من بين كيمياء العذاب التي أنصهرتُ بها في البعد عنكِ أعود إليكِ .. حاملاً شجني وشيئاً من بقايا وهني ..
سيدتي ومولاتي..
سأطلق صرخاتي الصامتة في إيوانكِ وزفراتي المنهكة بين يديكِ .. أعودُ إليكِ ولا أدركُ من أنا هل أنا هو الإنسان الذي حمل الفرح أم الإنسان الذي حمله الحزن ليلقي به على عتبات قلبكِ فتشفقين عليه ..
يا سيدتي
أعترفُ لكِ وأنا بعيداً عنكِ.. إن في مسائي شيء غريب كل ليلة يحدث .. تارة يقلقني وتارة أخرى يجعلني أهيم في عالم لا نهاية له إلا أنتِ ..أتصدقين ؟
ولن تعجبين !!.. بتُ أحدّثُ نفسي في أشياء وعن أشياء أحسبُها أنها تمر على خاطري مروراً زائلاً ولكنني في ذات الوقت أجد نفسي أنني ملزماً بفعل تلك الأشياء .. فأكون أكثرَ حيرةً.. وأشدَّ ذهولاً ..
وها أنا أشقُ طريقي اليوم إليكِ فهل ستكونين .. لجرحي دواء ولقلبي ضياء والله ثم والله إن لم تفعلينها .. فسأظل أنزفُ موتاً حتى يرفضني الموت وتعيفني الحياة .. وسأكون أول من ضيَّعه الحب في عصر كهذا من أوسع الأبواب .. فهل سترضينها لي؟
فقط قولي نعم ان كنتِ ترضيــنها..
سيدتي ..
أنتِ من علمني حبكِ ذاتَ يومٍ أن أعشقُ النساء .. وأنتِ من علمتني ذاتَ يومٍ أن أكره النساء .. علمني حبكِ الحب وعلمني الغرور ..علمني حبك النكران والجحود .. فهل يا ترى سيعلمني اليوم الصفح والقبول .. ؟
في بداية حبنا علمتني العجائب .. فمنذ سنتي الألفية الأولى التي عرفتكِ فيها .. عرفت الثغر وعرفت النحر وعرفتُ كيف أعوم في بحر حبكِ وأترك مياه النهر ..هى التي تنشر الشامات في أطرافها مثل الكواكب .. هل ستنثرين حبك في سمائي كما كنتِ تفعلينها ذات زمن ..
نعم لا أنكر كم كنت مجنوناً حينما كنت أهذي بحبي وأكتب لغيرك كل يوم قصة عشق.. حينما كنت أتحدى نفسي وأجبرها على عشقِ غيُركِ وأصرخُ كالمجنونِ من شدةِ عشقي لكِ .. ولكن بصوتٍ لا يسمعنه هنْ بل أنتِ وحدكِ تسمعينهُ .. وكنتُ أظن أنكِ لا تأبهين وأنكِ ضدَ مواهبي .. وأنكِ لن تبتسمينْ .. وستبحثين عني .. ومع كل كلمة أكتبُها ستنسجمين ..
فياسيدتي ..
للعشقِ طقوسٌ وللحبِ طقوسٌ ولكِ ولي طقوسٌ إن كنت تذكرينها فذكريني وأن كنت تلفظينها فارفضيني .. وسأبقى هائماً في مساءاتي أبحثُ عنكِ وعني وذكريات تلك السنين ومتى ما رق قلبُكِ .. وعاودكِ الحنين حتماً ستجدينني .. بين قلبك أبحثُ عنكِ وعن قلبي وعن لحظات الحنين ..
فهل ستقبلين أعتذاري .. ؟
أم أنكِ لازلتِ عن شيء غير هذا تبحثينْ..؟!